انتشرت الكورونا ووجدت نفسي متخصصة في مزرعة الايكولوجية في كليّة يساريّة في وسط بنسيلفانيا، أفكر كيف سأنجو
"نهاية العالم". وها هنا، أصبحت جيّدة جدّا في زرع البذور والفصل بين كومة السماد وبين السماد الذي يقتل الدجاج. عميقًا في داخلي استسلمت لحقيقة أن كل من أعرفه فوق جيل ال ٧٠ سوف يَهلُك، وأن لديّ أدوات غير اعتياديّة للتعامل مع الانهيار الاقتصادي، الزراعيّ، والأجتماعيّ الذي سيحل علينا. صعدت إلى طائرة متوجهة للبلاد لأنه كان يهمني أن اودّع والديّ (الذين نجوا من الكورونا رغم كل المخاوف) أكثر من أن أربي خس لطلاب\طالبات مع طواقي بيسبول. في بيت صغير في بئر السبع أنا وشريكي أزلنا طبقات من الغبار، زرعنا الطماطم الكرزيّة والبصل الأخضر وتحدثنا مع الأصدقاء عن المساحة التي سنشتريها في أوروبا من أجل أن نعيش بشكل مستقل، بدون بيروقراطية وداخل مبنى نبنيه بأيدينا.
لقد وضّحنا أنه لا يهم ما، المهم أن نخرج من المدينة.
من أجل كسب النقود- لأنه حتى الآن الأقتصاد لم ينهار كليّا - بدأت العمل كمركّزت مساحة واتصال في منتدى تعايشيّ في النقب، منظمة ذات اسم قديم يقوم بأمور رديكاليّة مثل ترويج غير قابل للتسوية للاعتراف بالقرى غير المعترف فيها في النقب. جزء من وظيفتي كان أن أتجوّل مع شريكة فلسطينيّة بدويّة في القرى التي ترفض الدولة الاعتراف بهم، ورسم خريطة للتحديات التي تنبع من الميدان وبما يمكننا أن نساعد. كنا نصل إلى القرية، نجلس في خيمة الضيافة لعائلة أو لعائلتين من القرية، نستمع للمشاكل اليوميّة في القرى التي بدون بنية تحتيّة اساسيّة مثل مياه جارية، كهرباء، الصرف الصحي، إزالة القمامة، أو خدمات بسيطة مثل المدارس والعيادات.
إحدى اللحظات التي لا أنساها، كان لقائي مع امرأة عصاميّة من قرية رحمة، بالقرب من أريحا; حدثتنا كونها امرأة، عند وجود مساحة من حولها و باستطاعتها للخروج لنزهة طويلة لوحدها، عندما تزرع طعامها بنفسها أو تجلس مع بناتها بجانب موقدة تحت النجوم - هناك هي تشعر أنها حيّة وحرّة.
أضافت أنها في داخل مبنى من أربع حيطان مع مخرج من سلالم وبعدها إلى شارع مزدحم. في سوبرماركت أو في مكتب في مدينة حضاريّة- هناك تشعر لقمع حقيقيّ لحيويتها. حتى وإن لم يكن هناك البنية التحتية أو خدمات اساسيّة في القرية، رخصة لبناء بيت أو طريق معبد، وكل ما هو مفهوم ضمنًا لكل مواطن\ة يتطلب منها جهد كبير، ولكن المهم بالنسبة لها هو الحفاظ على حيويتها.
قرية رحمة هي جزء من- ٣٥ قرية الموجودات من قبل قيام الدولة، أو أن الجيش نقلهم في سنوات ال٥٠ وال ٦٠ إلى الأراضي التي يسكنون عليها اليوم. هدف الدولة ومؤسساتها التي تعمل في النقب-ككال، سلطة أراضي إسرائيل، وسلطة البدو التي تضم ١٨٠ موظف، من بينهم صفر موظفين بدو- هي توطين أكبر عدد من العرب على أصغر مساحة ممكنة.
كيف يفعلون ذلك؟ بواسطة التحضر القسري، مع فرض عقوبات مثل هدم البيوت ومخالفات بمبالغ هائلة لكل من يرفض\ترفض النقل لأحد الجيتوهات التي أقامتها الدولة خصيصًا للبدو- تل السبع، رهط، عرعرة، لاقية، سجف سلام، حورة، كسيفة.
يبدو الأمر بسيطًا جدًا لأنه بالفعل بسيط جدًا. من أجل فرض "سيادة يهوديّة"، أي سيطرة اليهود على أراضي النقب، الأراضي الزراعية غير متاحة بشكل مستمر للبدو ولكنها متاحة لليهود. حتى الجمال، المرتبطة بالمحيط البيئي للنقب لمئات حتى لآلاف السنين، هذا الرمز لجامعة بن غوريون وكل مناسبة تحدث هنا، لا يعتبر جزء من الفرع الزراعيّ، ولكن فواكه من سويسرا تعتبر جزء.
اكتشفت ان في كل النقب هناك ١٠٠,٠٠٠ مواطن\ة عربي\ة بدو مثل المرأة التي قابلت في رحمة، الذين يرفضون أن ينقلوا إلى بلدات، هم جزء من كفاح مستمر أكثر من-٧٠ عامًا يدعى "صمود". طلبهم\ن الاساسيّ هو أن يبقوا في أماكنهم\ن، دون أن ينقلوا إلى بلدات بدون إتاحة مستمرة لاراضٍ زراعيّة أو جوانب الحياة التقليدية والغنية التي يحملها البدو معهم منذ مئات السنين من التكيف مع حياة هذه الصحراء المسماة بالنقب. وحل هذه المشكلة بسيط مثل بساطة المشكلة نفسها- على الدولة الاعتراف في قرى النقب دون تغيير مكانهم، حيث انهم متوزعين فقط على نسبة ٣.٥٪ من مساحة النقب، وتشمل ٣٥ قرية في المجمع. مثلما قالت اييلت شكيد وزئيف الكين نجحوا في الترويج لإقامة ١٤ مستوطنة يهودية جديدة في النقب، لذلك بإمكانهم وصل قرى موجودة منذ أجيال إلى البنى التحتية الاساسيّة التي تستحقها كونهم بشرًا في الدولة "يعني الديموقراطيّة".
بدأت أضحك على نفسي في مرحلة معيّنة. فهمت أن القصّة اليهوديّة منذ القرن الماضي تتحدث عن معاداة الساميّة تجاه يهود حضاريين بسبب الغيرة وكره الآخر- كنّا ناجحين للغاية أغنياء و حضريين، ولذلك لقد كرهونا وصورنا كأشخاص يحاولون السيطرة على الحيّز. يا له من أمر أهبل معاداة الساميّة.
ولكن لدينا ميول كذلك، كبشر لكن لربما وفي هذا الأمر تم أختيار اليهود حقًا، لخلق صورة سلبية للقمع الذي مررنا به. لأنه ليس هناك سبب آخر لمنع هؤلاء الأشخاص من الحياة الزراعية في مناطق جميلة وشاسعة في النقب المناطق التي ستبقى فارغة بدونهم، إن لم تكن تلك كراهية دون سبب، غيرة، ومؤامرات حول محاولة البدو الاستيلاء على المساحة؟
هل قيمة الاستيطان ، الريادة، اليهودي الجديد والمزارع في مزارع فردية، أو حتى الإسرائيلي الجديد والبيئي الذي يبني من الطين ويجمع البقوليات-ألا نتكلم عن أمور عملوها من قبل، ناس أقل بياضًا مننا؟
لقد فهمت أنه طالما هذا الظلم مستمر، سيكون من الغريب جدًا الترويج لحياة بيئية دون التطرق ل-١٠٠،٠٠٠ شخص الذين يتوقون و يناضلون منذ عشرات السنين من أجل عمل هذا الشيء، غالبًا أفضل بكثير منّي; هم ليسوا بحاجة للتعلم دروس في الزراعة العضويّة التي تقدم مجموعة متنوعة من أساليب المعيشة المستدامة لزراعة الغذاء في الصحراء، أو تشكيل هويّة قوميّة - دينيّة وقراءة نصوص ل أ.د. جوردون من أجل الشعور بارتباط عميق بالأرض والعمل عليها باحترام. هم ليسوا بحاجة لحركات شبابيّة لإخراجهم في نزهات في الطبيعة أو في عطلة نهاية أسبوع قطف نباتات والتعرف على ما هو هذا النبات الطبي.
الشيء الوحيد الذي ليس لديهم خيار سوى القيام به هو انهيار مثل هذا النظام العنصري الذي يقرر أنهم مجرمون،الغزاة
والمتعدون من يوم ولادتهم إذا كانوا عربا ولدوا في قرية في النقب، وليس داخل جيتو فرض عليهم منذ البدء.
أدركت أنها إلى جانب الانضمام إلى صراع عنيد، لطوال سنين، جماعي وبيئي من الألف إلى الياء للحياة بكرامة ومساواة في النقب، لقد تبقى لي فقط أن أطمح إلى إدارة حياة زراعيّة ومجتمعية - بسيطة، حيث أن الصحراء توفّر كل احتياجاتي وأكثر. عند وجود مجتمع داعم ومتواجد في المناسبات الهامّة في الحياة. عندما يكون الاستهلاك قليل والوفرة كبيرة. حين يمكن الخروج إلى نزهة والبقاء وحيدًا لمدّة طويلة، ثم العودة إلى نار موقدة القبيلة وشرب شاي الأعشاب معًا. وإذا تمكنت من وضع هذه الحياة معًا وسيرغب المكان الذي أعيش فيه في تدمير كل شيء، سيبقى فقط أن نتعلم من البدو في النقب ما هي المرونة الحقيقية.
نجح لقاء واحد مع امرأة في إزالة بقعة كبيرة في وعيي كانت موجودة على خريطة النقب. على وجه التحديد بسبب بساطة التخلي عن أنماط التفكير الأعمى التي كانت لدي من قبل، لقد أقمت سويًّا مع نفس الشريكة الفلسطينيّة البدويّة منظمة إعلاميّة- سياسيّة، ميديا النقب، من أجل التوجه للجمهور الأسرائيليّ، الفلسيطينيّ والعالميّة مع قصص وأحاديث سياسيّة عن النقب. نحن نقدم تدريب المتحدثين والتوجيه الإعلامي لجمهور عربي بدوي شاب، جولات لقرى غير معترف فيها لأي جمهور يطلب ذلك. محاضرات ومحتوى رقمي في الموضوع (في الانستغرام والفيسبوك تحت اسم النقب ميديا- נגב מידיה). نحن نريد أن كل من يقرأ\تقرأ هذا المقال حتى النهاية أن يشعر\تشعر بالراحة للتوجه لنا لأي سؤال او طلب لتعلم المزيد. النقب أجمل بكثير بعدما ندحض ما يفرق الحياة فيه. وتلك كلماتي.
النقب ميديا في صفحات التواصل الأجتماعي
اوديليا مطر
طالبة للصحافة في كلية سفير ومديرة شريكة في النقب ميديا. ترعرعت في القدس وتسكن في بئر السبع. اشتركت في صف جمرا هذا الأسبوع لأن فصل الرسم المائي قد انتهى.
Comments