top of page

لناقمات المثليات | يعيل شكنر (2021)


ماذا تقولون






في مسيرة الفخر في نيويورك حزيران ١٩٩٢، ست ناشطات مثليات قاموا بتوزيع ٨٠٠٠ كتيّب فاقع الخضار كتب عليه:


"Lesbians, Dykes, Gay Women – We want revenge and we want it now […] if you don’t want to take it anymore and are ready to strike, call us now […] What have you got to lose?"

(Schulman, 1994, 279)


بقلم كارولين كروون، 1993

وهكذا كانت الدعوة للقاء الأول ل Lesbian Avengers- (المثليات الناقمات)، مجموعة ناشطة أسست في سنة- ١٩٩٢ في نيويورك، التي عملت على وضع الصراع ورواية النساء المثليات في سلّم اولوياتها. عرفت المجموعة بتمركزها بالقضايا المتعلقة بنجاة ورؤية المثليات، مؤسسات المجموعة، كانوا ناشطات سياسيات في السابق، ونصّوا أهداف المجموعة كواقع ثابت، وبعد ذلك فتحوا مجال الانضمام للمجموعة لنساء اخريات. وصلت عشرات النساء للقاء الأول للمجموعة، كانت المجموعة متنوعة الأجيال والأعراق: جيل الحاضرات كان يتراوح بين ٢٠ ل٥٠ عامًا، وقدموا من خليفات متنوعة منهن مثليات سود البشرة لاتينيات.


خيار إقامة مجموعة ناشطة اضافية، التي تعمل في مواضيع متعلقة بالمثليات فقط، نابع من توجيه كامل الاهتمام نحو قضايا تتعلق بالشباب المثليين (الإيدز) والمغاييرات (الاجهاض)، قد طفح كيلهن بأن لا أحد يعير أي اهتمام للمشاكل التي تواجهها النساء المثليات. فطالبنَّ بخلق هوية مثلية جديدة، لا تخاف، ليست مؤدبة، لا تخجل بالمطالبة بحقوقها. في المراحل الأولى لنشاطات المجموعة، أُعطي تركيز مشدد على خلق شخصيات محاربة. اختيار الاسم استوحي من مسلسل الاثارة البريطاني "المنتقمين" (Walsh, 2004, 8)، رمز المجموعة كان قنبلة مع فتيل مشتعل، والعديد من المواد التي قاموا بنشرها ظهرّنا نساء حاملات قطعة من السلاح.


تمّيزت نشاطات المجموعة باستخدام استراجيات مسرحيَّة وفنيَّة واضحة الاهداف: تم تنفيذها عن طريق وجود نساء المجموعة في اماكن عامّة، بطريقة مباشرة ومن دون تدخلات خارجية، حيث في غالب الاحيان كان يحدث انتهاك متعمد لنظام وقواعد المكان. نشاطهن كان في الغالب ردّا على مواقف فوريّة وليس نشاط استراتيجي مدروس للمدى البعيد. نوع النشاطات هذا عُرف باسم "ZAP"- نشاط مباشر المنفذ من قبل مجموعة صغيرة من الناس من أجل هدف محدد.


النشاط الأول التي قامت المجموعة باختياره تم نقاشه من اللقاء الاول. أقاموا مظاهرة مقابل مدرسة محافظة في حي كوينز، وتم تعيينها في اليوم الأول للعام الدراسي، في نهاية الصيف نفسه. المبادرة بالقيام بهذه المظاهرة نابع من قرار مديرة المنطقة التي تتبع لها تلك المدرسة لإزالة البرنامج التعليمي من قبل لجنة التعليم في نيويورك المسمى ب"Children of the Rainbow". تناول البرنامج التعددية الثقافية، وقسم صغير من البرنامج تناول موضوع العائلات، بما في ذلك التطرق إلى المثليين والمثليات. هذه المحتويات هي التي ادت الى الغاء البرنامج، كجزء من حملة معادية للمثلية مستمرة من قبل اليمين المتحفظ في المدينة (Rand, 2003, 121. Walsh, 12). ادّعت مديرة المنطقة بأن هذا البرنامج "دعاية مثلية خاطئة وخطيرة"، لأنها ترسخ"كذبة كبيرة مثل تلك التي تمارتكابها من قبل هتلر او ستالين" (Lee Myers, 1992).


في اليوم الدراسي الأول لسنة ١٩٩٢، في الساعة السابعة صباحا، حضر فوق ال٦٠ فرد من منتسبات المجموعة إلى حارة Middle Village في حي كوينز، مرتديات بلوزة كتب عليها: "I Was a Lesbian Child". بدأوا مسيرتهن من بداية الشارع الرئيسي مع اوركسترا التي عزفت ما يسمونها بال "Lesbian Polka" (اغاني مؤلفة من كلمات قاموا بكتابتها منتسبات المجموعة لالحان شعبية) وحملوا لافتة كتب عليها: "Teach About Lesbians". وقفوا بمدخل المدرسة ووزعوا مئات من بالونات الهيليوم باللون البنفسجي للطلاب الداخلين من بوابة المدرسة. كتب على البالونات:


"Ask about lesbian lives".

العديد من الأهالي لم يبلوا اهتماما لأمر البالونات التي اعطيت لأطفالهم، وبعض من الأهالي أمروا أولادهم بترك البالون. هؤلاء، توجب عليهم الشرح لطفلهم الباكي "لماذا"، وبذلك اعتراضهم على البالونات عاد بفائدة على منتسبات المجموعة، حيث طلبوا من الاولاد ان يسألوا أهلهم "عن حياة المثليات". بالرغم من مواجتهن بردود فعل عدائية من قبل الشرطة وجزء من سكان الحي، صنّف النشاط كفعالية ناجحة. بالاضافة الى ان كل طفل او طفلة دخل الى المدرسة في هذا الصباح سمع الكلمة "مثلية"، ربما للمرة الاولى في حياته، وبذلك اضطر طاقم التعليم ان يحدث الطلاب عن وجود المثليات،رم العوائق التي قامت بفرضها مديرة المنطقة.


توجههن السياسي ل المثليات الناقمات لم يولد من العدم;بل كان استمرار لاعمال تاريخية سابقة. من الواضح أن النظريات النسوية المثلية والتنظيمات المثلية التي سبقت تشكيل المجموعة لها صدى في عملها. احدى المنظمات الاولى التي رأوا في المثليات كاستراتيجية نسويّة كانت "تهديد الخوزامى" [1] (Lavender Menace) أولى مجموعات الاحتجاج التابعة لحراك المثليات-النسويات. نشاطها الأكثر شهرة كان نشر إعلان خلال الكونجرس الثاني لاتحاد النساء في نيويورك، في الاول من ايار سنة ١٩٧٠. هذه الوثيقة، المسميّة "بيان المثليات الراديكالي" (Radicalesbians)، كان من الاوائل الذين عرفوا المثليات كممارسة سياسيّة نسويّة: منتسبات المجموعة لم ينظروا الى مثليتهن كميول جنسي بحت، بل كهوية سياسية ثوريّة. المثلية هي ليست تهديد للنسوية بل امتداد لها: كوننا مثليات يعني بالاساس ان نكون ملتزمات بمحاربة النظام الأبوي وان نقف مع النساء الأخريات، وليس مع الرجال. تستطيع أن ترى أن في مقدمة البيان تشابه بلاغي بين خطاب تهديد الخوزامى لخطاب المثليات الناقمات: "ما هي المثلية؟ المثلية هي غضب جميع النساء مضغوط حتى نقطة الانفجار" (المثليات الراديكاليات، ١١٢،١٩٧٠). ايضًا في المواد المكتوبة التي تركتها خلفهن الناقمات، محفز الغضب يظهر مرة بعد مرة، كما وذكرت احدى المؤسسات في مقابلة معها أن السبب لتأسيس تلك المجموعة:


"Because I'm a lesbian I'm angry all the time, so in order not to be angry I'm an Avenger".

(Lesbian Avengers Eat Fire Too)


بقلم كارولين كروون

العديد من القضايا الرئيسية المذكورة في بيان المثليات الراديكاليات هم الذين سيشغلون الناقمات، وفي البداية (غير) المرئي: الراديكاليات المثليات ادعوا ان" كونك امرأة غير تابعة لرجل تعني أن تكوني غير مرئية" (اسم، ١١٦)، وهدفهن المعلن للناقمات كان الاهتمام بمرأى ونجاة المثليات. عقد بعد ظهور بيان الراديكاليات المثليات، نشر مقال لادريان ريتش (Adrianne Rich)، "المغايرة الجنسية المفروضة ووجود المثليّة"، حجر بناء إضافي في النظرية المثلية -النسوية. في مقالها رسخت ريتش المصطلح "وجود المثليات" (Lesbian Existence) الذي سيظهر كثيرا في خطاب الناقمات المثليات في المستقبل. مشابها لايمان المثليات الراديكاليات، ريتش عرفت المثليات كهويّة ثوريّة:"الوجود المثلي مركّب من كسر الممنوع ومن رفض أسلوب حياة مفروض [...] نستطيع أن نبدأ بفهمه كطريقة لقول لا للنظام الأبوي، كفعل ثوري" (ريتش،١٧٩،١٩٨٠).


بالاضافة الى النسوية المثلية، عامل اضافي الذي أثر على الناقمات المثليات كان المكافحة في أزمة الإيدز، وخصيصًا (ACT UP AIDS Coalition to Unleash Power) مجموعة ناشطة التي عملت في نيويورك بدأّ من نهاية سنوات ال-٨٠. العلاقة بين المنظمتين كان مباشر: غالبية مؤسسات الناقمات كانوا ناشطات في ACT UP وعلى مدار سنوات التسعينات العديد منهن كانوا منتسبات إلى الجمعيتين. في إطار مكافحة أزمة الإيدز اكتسبوا مؤسسات المجموعة قدرًا كبيرًا من الخبرة في مجال المنظمات السياسية، من هناك نبعت الإرادة لتطبيق نفس الاستراتيجيات أيضا لقضايا المثليات. المؤسسات أرادوا أن يقيموا مجموعة التي تتوجه بشكل مباشر لمؤسسات ذات تأثير، مثل ما تعلموا في سنين عملهن في- ACT UP. قامت بالوصف سارة شولمان (Sarah Schulman):


"One of the greatest gifts I have received from ACT UP, and there are many, has been from men's higher sense of entitlement. They have always been told that they are important, and so they expect a higher level of response. In the women's movements, while we have challenged every power institution in the culture, we were unable to directly address them."

(Schulman. 216)


ان نورتوف، إحدى مؤسسات المجموعة، توصف العلاقات المتبادلة بين المنظمتين:


"One thing I like to say about ACT UP when people say, "What were you doing there in a room of predominantly men?" And I say it was one of the only rooms of men that I could walk into where the men were asking the women for instruction and help and asking actively to be taught feminist values. It was really a room full of love and mutual respect for many years. And that was thrilling."

عضويتهن للمؤسسات في ACT UP- كانت إلهاما لهن لاختيار النشاط المباشر في كونه الاستراتيجية المركزية. صحيح ان هذا الخيار غير نابع من جمود أو عادة - اولًا كل ممارسة لنشاط مباشر تطرق إلى الهيكل التنظيمي الداخلي للمجموعة. مؤسسات المجموعة اعتقدن أن العمل المباشر هي الطريقة الوحيدة لخلق منظمة شاملة، مفتوحة، غير طبقية وديمقراطية التي تشجع مشاركة الفرد Walsh,17). في طريقة العمل هذه لا يوجد وسيط، كل من تقترح فكرة هي التي عليها تنفيذها. نشاط مباشر يمكن من وجود هيكل تنظيمي تخريبيّّ، فوضوي، بدون رئيس وبدون وظائف تابعة لناس محددة. الديمقراطية في المجموعة لم تكن تمثيلية: لكل عضوة في المجموعة كان صوت متساوٍ، وكل واحدة باستطاعتها وضع أمور على جدول اليوم. بالاضافة، النشاط المباشر، التي تم غالبا بدون موافقات أو بطريقة غير قانونية يتلاءم بشكل جيد مع الصورة التي سعى أعضاء المجموعة إلى خلقها لأنفسهم أمام عامة الجمهور - أجابت عن رغبتهم في الظهور كمخيفات، غير متوقعات، لا يخجلن ولا توجد لديهن حدود. بيانهم ابتدأ بالكلمات التالية:

"We'll be your dream and their nightmare […] We want your house, your job, your frequent flyers miles. We will sell your jewelry to subsidize our movement."

(שם, 295)


"A group totally focused on high-impact street activism, not on talking"[2]

النشاط المباشر هو في الواقع انتهاك للنظام، مثلا عندما يغزوا أو يسيطر على حيز عام معينا بطريقة منافية لقوانين التصرفات المقبولة في ذلك الحيز. هذه الاستراتيجية تعبر بطريقة جيدة عن عدم إيمان عضوات المجموعة بمؤسسات الدولة وفي رغبتهن في تفكيك النظام الموجود وتركيبتهم الاجتماعية. لم يطلبن أخذ المسؤولية على المؤسسات وإجراء إصلاحات فيها، لأن هذه المؤسسات هي معادية للمثلية منذ البدء ولذلك لا يوجد اي فائدة بمحاولة إجراء بعض "الإصلاحات" فيها. مثلًا، استراتيجية التي تقوض الديموقراطية الليبرالية وحدودها.


الناقمات لم يشاركن في اللعبة السياسية ال"مؤدبة": هن لم يلجأن الى الالتماسات، النواب والإصلاحات، بل استخدموا قوة مباشرة. عندما قامت مديرة المنطقة بازالة المحتوى الذي يتعلق في المثليات من برنامج التدريس، لم يقمن بالتوجه إلى أي جهة رسمية من أجل العمل على إرجاع المحتوى الى البرنامج التدريسي، بل قمن بانتظار طلاب المدرسة بجانب بوابة المدرسة الرئيسية. في بيانهن (Dyke Manifesto) الذي نشر سنة ١٩٩٣ يوضحن عضوات المجموعة بشكل لا لبس فيه موقفهن من النضال عن طريق الاصلاحات:


"The are many ideas in the lesbian community about what kind of strategies to employ – electoral and legal reform, therapy groups, social services. These are all valid strategies, but they are not the strategies of the Avengers […] We don’t have patience for polite politics."

(Schulman, 290)


هن اعترضن من حيث المبدأ لنشاطات سياسية وعامة التي عملت "حسب قوانين" الديمقراطية المتحررة واعتبرنه تعبيرًا عن التعاون مع المؤسسة والتركيبات الاجتماعية الموجودة. فقط نشاط مباشر، الذي يتخطى خطوط "السياسة اللائقة"، هو الإمكانية الوحيدة بنظرهن. تماشياً مع رفضهن المشاركة في السياسة المؤسسية، عضوات المجموعة طالبوا في الخروج ضد خطاب الحقوق الليبرالي، الذي لا يطالب بتغيير النظام الموجود من الجذور بل في توسيع حدوده كي تضم ناس اضافية ايضًا. سارة شولمن، أدرجت القضايا التي في رأيها غير موجودة على سلم أولويات المثليات:


"We have been told that lesbian issues are only custody, Artificial insemination, adoption and gay marriage. Well, I disagree."

(שם, 217)


اعتراضهن على الديموقراطية الليبرالية انعكست أيضا في طريقة تعاملهن مع الحيز العام. نشاطتهن كانت تتم دائمًا من خلال تدخلات محلية ومباشرة في الحيز العام، في اماكن ذو قدرة على جذب انتباه واسع. يرتبط التصور السائد للحيز العام ارتباطًا وثيقًا بما يُعرَّف اجتماعيًا على أنه "خاص"، اي انها لا ينتمي للحيز العام، حيث ان مديرة المنطقة في حي كوينز أزالت من البرنامج التدريسي Rainbow Curriculum، هي قامت بذلك بادعاء أن المثلية الجنسية هي أمر يخص الفرد نفسه ولا يجب التحدث عنه في مؤسسة عامة مثل المدرسة Schulman), 281). الخطاب الليبرالي يشدد كثيرا على الحقوق الشخصية، ويهتم بشكل مفرط على الحفاظ على تلك الحقوق حتى لو لم يطالب بها الشخص نفسه. في مقالها "نظرية الخزانة" ايف كوسفسكي سدجويك تصف الخصوصية التي تمنح في الخزانة ك"خصوصية مشكوك فيها" (سدجويك ٢٨٨،٢٠٠٣). في بعض الاحيان يتم دفع الناس إلى الخزانة من أجل الحفاظ على خصوصيتهم، من أجل إخفاء أو طمس المثلية الجنسية من أعين عامة الناس للحفاظ على حيز عام مغاير جنسيًّا، أو على الأقل بعيدا عن مرأى العيون.


النقامات المثليات لم يتعانوا مع العمل في دفع الميول الجنسي الى الحيز الشخصي. هدفهن كان أن يحضروا للشارع ما كان ينظر اليه ك "أمور شخصية لكل فرد" - المثلية الجنسية، وبذلك المس بالمغايرة الجنسية القائمة في الحيز العام. كونهن مجموعة نسائية يطالبن بملكية، حتى لو لحظية، على الحيز العام، كانت مفاجئة جدا لمنفذي القانون، حيث أنه في العديد من الأحيان لم يكن هناك خطة مرتبة على طريقة الرد على نشاطتهن. راتشيل شيرير (Rachel Shearer)، إحدى عضوات المجموعة، وصفت ذلك في مقابلة معها:

"Nobody seems to know what to do with us, nobody is used to having a group of angry lesbians descend upon them. It's amazing what we can get away with".

(Lesbian Avengers Eat Fire Too)


لذلك، اقمن الناقمات المثليات نشاطات عدة محتواها المركزي هو تواجد المثليات في اماكن التي كانت بها غير مرئية من قبل. مثلًا، في عشية عيد الحب في سنة ١٩٩٣، عضوات المجموعة أقاموا "Skate-In"، على وزن Sit-in، نوع نشاط مباشر الذي تطور في الولايات المتحدة في الحراك لحقوق المواطن، من خلاله شخص أو مجموعة أشخاص "يحتلون" مساحة معينة كنوع اعتراض. اقيم النشاط في حلبة التزلج في مركز ركفور، ومن خلاله قامت عضوات المجموعة بمسك أيديهن وتبادل القبلات أثناء تزلجهن على الجليد. في اليوم التالي، بعد عيد الحب، أقاموا والت مثليات (Lesbian Waltz) في حديقة بريانت (Rand, 123) ووزعوا للمارين والجالسين في المحطة المركزية "قبلات" من هرشي (Hershey's Kisses)، كتب عليهن:

"You've just been kissed by a lesbian"

بقلم ساسكيا شافير. تزلج في

عضوات المجموعة عملوا على تواجد المثليات ليس فقط في الحيز العام وفي حياة اليومية، بل في التاريخ ايضًا. في عيد الحب، ١٤.٢.١٩٩٣، دخلوا عضوات المجموعة الى حديقة بريانت في نيويورك، لحفل إزالة الستار لتمثال صنعوه بأيديهن، لشخصية اليس ب. توكليس (Alice B. Toklas) ووضعوه الى جانب التمثال الموجود لجرطرود ستين (Gertrude Stein). اسموا الحفل: (Politically Incorrect Domestic Bliss (Schulman,306. ماكسين ولف (Maxine Wolfe) احدى مؤسسات المجموعة، افتتحت الحفل:

"On behalf of the Lesbian Avengers, I'd like to welcome you all to the unveiling and instillation of our Alice B. Toklas statue, to be placed next to the statue of Gertrude Stein, her lover […] We decided to use Valentine's Day, a day when heterosexual love reigns supreme, to make visible the face of lesbian existence and lesbian love."

(Lesbian Avengers Eat Fire Too)


تمثال ستين، الذي وضع قبل بضع شهور من موعد الحفل الذي أقامته عضوات المجموعة، كان من التماثيل القليلة في نيويورك تمثل شخصية امرأة. ستين، كاتبة، ومؤلفة، وقائدة صالون أدبي، حصلت على معرفة ثقافية واسعة خلال حياتها، ولكن هويتها الجنسية بقيت مخفية للغالب. توكلس كانت زوجة ستين لمدة ٣٩ عام توصف في بعض الأحيان في السيرة الذاتية عن حياة ستين بواسطة الكلمة الحذرة وغير الملزمة -(Companion Schulman, 72).


على اثر وضع تمثال توكلس جانبًا لتمثال ستين، طلبوا عضوات المجموعة اعادة وجود المثاليات الى التاريخ، نفس المصطلح الذي رسخته أدريان ريتش. ريتش تخمن أنه تم محو وجود المثليات من التاريخ عن قصد من أجل توجيه النساء بطريقة عنيفة نحو علاقات جنسية مغايرة: "يجب أن يؤخذ إتلاف المستندات على محمل الجد، من الأمور التذكارية والرسائل، التي توثق حقيقة وجود المثليات، لأنها وسيلة للحفاظ على إكراه المرأة على الجنس الآخر" (ريتش،١٨٠). الناقمات استجابوا لدعوة ريتش لإعادة المثليات إلى التاريخ، ورفضوا التعاون مع فكرة حذف وتعميم ميول ستين الجنسية. وقاموا بتوحيد الشريكات، بالتحديد في عيد الحب، من اجل منع اي شك لنوع العلاقة التي كانت تربط بينهن، حيث أن "يشير وجود المثليات إلى حقيقة الوجود التاريخي للمثليات وعملنا المستمر لخلق معنى لهذا الوجود" (اسم، ١٧٩).


"Homophobia is out there, we might as well play with it a little bit" [3]



بقلم ساسكيا شافير

السمة المثيرة للاهتمام بشكل خاص للمجموعة هي موقفها من خطاب رهاب المثليين في عصرهم. الناقمات فهموا، مثل ما ادعى لاحقًا المنظّر دافيد هلفرين، بأن خطاب رهاب المثليين لا يمكن الفوز به عن طريق ادعاءات منطقية لأنه مبني على تناقضات للمنطق (Halperin, 46). هلفرين ادعى أن إمكانية مقاومة خطاب رهاب المثليين موجود بالاخص في الموقف الهامشي ومكان المعارضة الذي الخطاب نفسه يفرضه على المجموعات المستضعفة. ومن هناك، المعارضة الأنجع لرهاب المثلية هي "التخصيص الإبداعي واعادة وضع العلامات" (اسم،٤٨)، اي، تخصيص مصطلحات او صور معادية للمثليين بطريقة ساخرة ، والقيام بعكس الخطاب المعادي للمثلية.


الناقمات المثليات عرفوا بوجود رهاب المثلية، ولم يحاولوا محاربتها عن طريق خطاب الصبر والتقبل. بل استخدموا رهاب المثلية من اجل معارضتها: استغلوا تواجدهم في الهوامش من اجل السخرية من الخطاب المعادي للمثلية واستخدامه ضد المعادين للمثلية. استراتيجيتهم الأساسية كانت تبنّي التحدي لأفكار نمطية سلبية: بدلا من التخلص من تلك الأفكار النمطية، عضوات المجموعة تفاخروا بهم، وبذلك منعوا منذ البدء ردات فعل سلبية من الجمهور. تتحدث إحدى مؤسسات المجموعة ان ددسكي في مقابلة معها:



"We were quite willing to embrace the stereotypes… They call us child molesters and our response is to say, yeah, we recruit.".

(Lesbian Avengers Eat Fire Too)


أي أن، تبني الأفكار النمطية تحضر معها الامكانية لمواجهة الجمهور برهاب المثلية الخاصة بها. ردود فعل عدائية من قبل الجمهور هي جزء لا يتجزأ من التخطيط المسبق لكل نشاط تقوم به المجموعة، وليس فقط يأخذونهم في الحسبان، بل بقمن باستخدامهم، ويمكننا القول انه كان "مرحب بهم" في بعض الأحيان. مثال اضافي لعكس الخطاب المعادي للمثلية يمكننا ان نراه في الرمز الأكثر شهرة للناقمات المثليات- أكل النيران. هذا النشاط ولد في المرة الأولى في ٣١ تشرين أول سنة ١٩٩٢، في مظاهرة أقاموها عضوات المجموعة ردًا على العنف والكراهية التي حدثت في سيلم، أوريجون، وفيه امرأة مثلية ورجل مثلي حُرقوا في بيتهم حتى الموت. طريقة التعامل مع رهاب المثلية العنيفة، في شكلها المشتعل، كانت عن طريق اكل فعلي للنار القاتلة، خلال المظاهرة خطبت احدى عضوات المجموعة:

"We take the fire of action into our hearts, into our bodies […] Their fire will not consume us, we take that fire and we make it our own"

(Rand, 123)


بقلم كيلي كوجسيل

فعل أكل النيران، وجد للتعبير عن رفضهن للخضوع للعنف. بواسطته طلبوا عضوات المجموعة القيام بالتصدي للعنف عن طريق استخدام غير عنيف لأداة العنف نفسها.


النشاطات الأساسية التي قامت بها الناقمات المثليات حدثت بين السنوات ١٩٩٢-١٩٩٤، المجموعة تفككت بشكل نهائي بسنة ١٩٩٦. الإرث الأكثر بروزًا التي تركنه خلفهن هو- Dyke March، حفل فخر للنساء من مجتمع الميم الذي يقام عشية مسيرة الفخر. أقيم للمرة الاولى في ٢٤ نيسان سنة ١٩٩٣، عشية المسيرة من أجل المساواة في الحقوق وتحرير مجتمع الميم في واشنطن. تلك كانت إحدى أكبر المظاهرات التي اقيمت في الولايات المتحدة ضد اضطهاد مجتمع الميم، ومثل العديد من مناسبات ومسيرات الفخر سابقًا وفي وقتنا الحالي التي تدار من قبل رجال. كرد فعل قامت الناقمات بدعوة النساء للخروج إلى شوارع واشنطن قبل يوم من مسيرة الفخر، بدون تصريحات أو موافقات لإقامة مظاهرة. ل-Dyke March في العاصمة وصل أكثر من ٢٠٠٠٠ امرأة من جميع أرجاء الدولة، وفي السنة التي تليها، بدون اي تنسيق، حدثت أكثر من مسيرة كتلك في عدة مدن في الولايات المتحدة. وفي حزيران ١٩٩٣، نظمت المجموعة أول Dyke March في نيويورك.


بقلم كيلي سانكولت


ال-Dyke March يحدث مرة في السنة حتى يومنا هذا، في عشية مسيرة الفخر المركزية. وفيّ لجذور الناقمات المثليات، المسيرة في نيويورك تقام منذ ثلاثة عقود بدون وثيقة رسمية من البلدية او من اي طرف تابع لفرض القانون، ويحظر عرض أي إعلان لأي منظومة وبيع أي علامة تجارية. وفي الواقع مشاركين مسيرة الفخر ذو طابع تجاري ومؤسسي، ولذلك تطبيق هذا الامر تقريبًا وهمي.


بالإضافة إلى ذلك، الناقمات المثليات رسخوا علامة بارزة في تاريخ النشاط الكويري والمثلي. سويًّا مع مجموعات ولدن من داخلهم، عرفوا من جديد نضال مجتمع الميم، وجدول يومه السياسي، وطريقة عمله، كانوا قادرات على استغلال وجودهن في مكان هامشي، وخلق مرة تلو الاخرى طرق جديدة لكيفية اللعب خارج القوانين.


في مقالها الذي يعرض المجموعة "الغسيل الاسود"، تتدعي عمالية زيف ان للنشاط السياسي يوجد دور لخلق هوية واضحة (زيف،٣١٥). بايحاء من زيف يمكن القول رغم كونها منظومة ذات أهداف سياسية واضحة، شكلت المجموعة بالنسبة للعضوات المنتسبات لها طريقة تعبير عن هويتهن. الناقمات المثليات كانت مجموعة اجتماعية التي مكنت المنتسبات لها إضفاء طابع لهوياتهن الشخصية، التي تم كبتها كل حياتهن، من خلال مواجهة دائمة مع رهاب المثلية ومعادي المثلية.

"There's an enormous amount of power in walking into a room and scaring the shit out of very powerful people."

(Lesbian Avengers Eat Fire Too)



Yael Schechner
الصورة: عمري جولدزاك


يعيل شكنر

مديرة البرنامج التعليمي في "كلية" ׳המכללה׳ HerAcademy، مدرسة اجتماعية لنساء عائدات الى العمل. صاحبة لقب BA من قسم التاريخ الاقتصادي وبرنامج التعليم للنساء والجندر، من جامعة تل أبيب. طالبة لقب ثاني في قسم التاريخ.










بيبليوغرافيا


كوسفسكي، ايف سدجفيك. "نظرية الخزانة (مقاطع مختارة)". ترجمة عميلا زيف.

ما وراء الجنسانية. تدقيق يئير كدر، عميلا زيف وارون كنار. تل ابيب: الكيبوتس المتحد، 2003. صفحات 303-328


ريتش، ادريان، "المغايرة الجنسية المجبرة ووجود المثليات"، ترجمة اسرائيل مايير. ما وراء الجنسانية. تدقيق يئير كدر، عميلا زيف وارون كنار. تل ابيب: الكيبوتس المتحد، 2003. صفحات 73-102


الراديكاليات المثليات، "المرأة المتعاطفة مع النساء"، ترجمة دايت بأوم. التعلم عن النسوية: تدقيق داليت بأوم (واخرون)، تل ابيب: الكيبوتس المتحد، 2006. صفحات 112-117


زيف، عماليه. " عبور الحدود الجندرية، وخيانة الحدود القومية": السياسة الادائية ل "الغسيل الاسود"


جنس آخر - مجموعة مقالات مختارة في دراسة مجتمع الميم والكويريين الإسرائيليين بتدقيق اييل جروس، عماليه زيف وراز يوسف. تل أبيب: رسلينج، 2016


Lee Myers, Steven. IDEAS & TRENDS; How a 'Rainbow Curriculum' Turned into Fighting Words. New York Times, pp. Section 4, Page 6 .1992


Halperin, David M. Saint Foucault: Towards a gay hagiography. Oxford Paperbacks, 1997.

Lesbian Avenger Documentary Project, Lesbian Avenger Documentary Project. "Lesbian Avengers Eat Fire Too." YouTube.


Walsh, Dawn. "The Lesbian Avengers: Placing Them in the Center of the Spotlight." Diss. 2004. Abstract. (n.d.):

Rand, Erin J. “An Appetite for Activism: The Lesbian Avengers and the Queer Politics of Visibility.” Womens Studies in Communication, vol. 36, no. 2, 2013, pp. 121–141.,


Schulman, Sarah. My American History: Lesbian and Gay Life during the Reagan and Bush Years. Routledge, 1994.




[1] اسم المجموعة اختير كرد فعل لمقولة من سنة 1969 لبطي فريدن، مدرية منظمة النساء العالمية، وصفت فيها الخطورة في ربط حراك النسوي مع حراك المثليات.

[2] Ana Simo, a founding member of the Lesbian Avengers, quoted in http://www.lesbianavengers.com/about/history.shtml

[3] Lesbian Avenger Documentary Project



bottom of page